بسم الله الرحمن الرحيم
*********
الي الأحبة في الله ورسوله والاسلام
السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته
ــــــــــــــــــــــ
يقول المولي عز وجل في محكم التنزيل ( فذكر فان الذكري تنفع المؤمنين ) . [/size
ومصدقا لهذه الآيه الكريمه أردت أن أذكر نفسي وأياكم بالحقيقه التي يكرهها الكثيرون ولا يريدون مجرد التحدث عنها ، ألا وهي الموت . وعذاب القبر ونعيمه ، وسؤال الملكين منكر ونكير . وأنشغلنا بدنيانا ، ونسينا آخرتنا ، وأخذتنا الدنيا بزينتها وزخرفها وأموالنا وأهلينا . وكأننا مخلدين فيها .
فلــو كانت الدنيـا تدوم لأهلها ....... لكان رســـول الله حــيا وباقـــــيا
ولكنها تفــني ويفني نعيمهــــا ....... وتبقي الذنوب والمعاصي كما هي
ونسينا قول ربنا ( كل من عليها فان * ويبقي وجه ربك ذو الجلال والاكرام )
وقوله سبحانه وتعالي ( كل نفس ذائقة الموت وانما توفون أجوركم يوم القيامه فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور ) فكل مخلوق مصيره الي زوال ، كحال الدنيا التي يحيا فيها
فيا أختي المسلمه أفيقي من غفلتك وأتقي الله في أقوالك وأفعالك لتفوزي بخير الدنيا ، ونعيم الآخره ، مصداقا لقول سيد ولد آدم ، محمد صلوات الله وسلامه عليه ( أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ) وقوله ( من كان يريد وعظا فالموت يكفيه ) فتزودوا بالقول والعمل الصالح وتقوي الله في السر والعلن ( فان خير الزاد التقوي ) فالسفر طويل ونهايته جنة أبديه . أو نار حميه
لذلك كتبت لحضراتكن هذا الموضوع لأذكر به نفسي وأياكم قبل فوات الأوان
وكلي رجاء أن ينال موضوعي هذا رضا وقبول حضراتكن
@@@@@@@@@
[size=25]إثبات عذاب القبر وعودة الروح إلى الجسد
يقول المولي عزوجل في القرءان الكريم (
النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب ) . اعلمي رحمني الله وإياكي . أن من معاني الشهادة الثانية . أي أشهد أن محمداً رسول الله . أن يصدق الإنسان بعذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين منكر ونكير ، فمن أنكر عذاب القبر كذب بالقرءان ، ومن كذب بالقرءان فقد كفر ، فهذه الآية فيها إثبات عذاب القبر ، وهي صريحة لأن الله تعالى قال : ( النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة ) .
معناه أن آل فرعون ، أي أتباعه الذين اتبعوه على الكفر والشرك ، يعرضون على النار في البرزخ ، أي في مدة القبر والبرزخ . ما بين الموت إلى البعث ، يعرضون على النار عرضاً من غير أن يدخلوها ، حتى يمتلئوا رعباً . أول النهار مرة ، وءاخر النهار مرة ، ووقت الغداة من الصبح إلى الضحى ، وأما العشي فهو من وقت العصر آخر النهار ، ويوم تقوم الساعة . أي يقال للملائكة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ، وآل فرعون هم الذين عبدوه واتبعوه في أحكامه الجائرة . ليس معناه أقاربه ، ثم هناك آية أخرى تثبت عذاب القبر، فقد قال عز وجل : ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى ) . والمعنى أن الكفار الذين أعرضوا عن الإيمان بالله تعالى ، إذا ماتوا يتعذبون في قبورهم وليس المراد بـ ( معيشة ضنكا ) معيشة قبل الموت ، إنما المراد حالهم في البرزخ ، وكلمة ( ذكري ) هنا معناها الإيمان بالله سبحانه وبالرسول ، ليس المراد بها الذكر المعروف وهو قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ونحو ذلك . وهذه الآية عُرف أن المراد منها عذاب القبر من الحديث المرفوع إلى النبي الذي فسر هذه الآية ( معيشة ضنكا ) بعذاب القبر رواه ابن حبان وفي هذا قال الرسول الكريم لأصحابه : ( هل تدرون في ماذا أنزلت ) [ فإن له معيشة ضنكا [ قالوا : الله ورسوله أعلم : قال ( عذاب الكافر في قبره ... ) الي آخر الحديث .
وفي هذا دليل أيضاً على أن الميت في القبر . بعد عودة الروح إليه يكون له إحساس بالعذاب ، إن كان من المعذبين للكفر أو للمعاصي . وقد قال الرسول : ( القبر إما حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة ) رواه الترمذي من حديث أبي سعيد . وقد قال مسروق رحمه الله : ( ما غبطت أحداً ما غبطت مؤمناً في اللحد، قد استراح من نصب الدنيا وأمِِنَ عذاب الله تعالى ) . وقد حدّث ثابت البناني رحمه الله قال : دخلت المقابر فلما قصدت الخروج منها ، فإذا بصوت قائل يقول : يا ثابت لا يغرنَّك صموت أهلها فكم من نفس مغمومة فيها .
ولنرجع قليلاً إلى الآيتين السابقتين . فيتبين أنهما واردتان في عذاب القبر لكل الكفار ، أما العصاة المسلمون من أهل الكبائر، الذين ماتوا قبل التوبة فهم صنفان : صنف يعفيهم الله من عذاب القبر ، وصنف يعذبهم ثم ينقطع عنهم . ويُؤخّر لهم بقية عذابهم إلى الآخرة . وليعلم أنه لا يقال إن الميت إذا كان يرى في القبر في هيئة النائم . ولا يُرى عليه شيء من الاضطرابات . ولا يصرخ . فإذاً هو ليس في عذاب ، فقد قال بعد الفقهاء : ( عدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود ) فإذا نحن لم نرى الشيء بأعيننا ، فليس معناه أن هذا الشيء ليس موجوداً ، فكثير من الأمور أخفاها الله عنّا وبعضها يكشفها الله لبعض عباده .
[size=21]تأكد عذاب القبر بسبب الغيبة وعدم الاستنـزاه من البول
روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن ابن عباس : مرّ رسول الله صلي الله عليه وسلم على قبرين فقال : ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير إثم قال بلى أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستـنزه من البول ) ثم دعا بعسيب رطب فشقه اثنين فغرس على هذا واحداً ، وعلى هذا واحداً ، ثم قال : ( لعله يخفف عنهما ) فهذا الحديث بعد كتاب الله حجّة في إثبات عذاب القبر ، الرسول مر على قبرين فقال : ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير إثم ) ثم قال : ( بلى ) .
إثبات عذاب القبر وعود الروح إلى الجسد
أي يحسب الناس ليس ذنبهما شيئاً كبيراً ، لكنه في الحقيقة ذنب كبير ، لذلك قال : ( بلى أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ) وهي نقل الكلام بين اثنين للإفساد بينهما ، يقول لهذا فلان قال عنك كذا ، ويقول للآخر : فلان قال عنك كذا ، ليوقع بينهما الشحناء ، وأما الآخر فكان لا يستنـزه من البول أي كان يتلوث بالبول ، وهذا من الكبائر . فقد قال عليه الصلاة والسلام : ( استنـزهوا من البول فإنّ عامة عذاب القبر منه ) رواه الدارقطني من حديث أبي هريرة .
ومعناه : تحفظوا من البول لئلا يلوثكم ، معناه لا تلوثوا ثيابكم وجلدكم به ، لأن أكثر عذاب القبر منه . هذان الأمران بحسب ما يراه الناس ليسا ذنباً كبيراً ، لكنهما في الحقيقة عند الله ذنب كبير ، فالرسول رءاهما بحالة شديدة ، وأنهما يُعذبان ، وليس من شرط العذاب أن تمسَّ جسده النار ، الله جعل عذاباً كثيراً غير النار في القبر ، الرسول رأى ذلك وبعض المؤمنين الصالحين يرون ذلك ، ويرون النعيم ، والأدلة كثيرة نذكر منها حديث رواه ابن حبان أن التقي بعد سؤال منكر ونكير ، قال الرسول : ( ثم يُفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين ذراعاً ) .
والذراع الشرعي من رءوس الأصابع إلى المرفق ، حوالي نصف متر ، وينور له فيه ، ويقال له : نم كنوم العروس الذي لا يوقظه إلا أحبُّ أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ، كذلك يشم رائحة طيبه ذكيه من رائحة الجنة ، ويرى مقعده من الجنة الذي يتبوءه بعد الحساب . وذلك أنّ روحه تؤخذ إلى مكان قرب الجنة ، فيرى مقعده فيعرف فضل الإسلام . حين ذلك معرفة عيانية كما كان يعرف في الدنيا معرفة يقينية قلبية . وبعض المتقين يزيد في النعيم . بأن يُوسَّع قبره مد البصر . كما حدث للصحابي الجليل العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه ، الذي كان من أكابر الأولياء ، لما نبشوا قبره بعد دفنه في أرض مسبعة ، لينقلوه إلى مكان أخر ، فوجدوا قبره يتلاطم بالأنوار ، كذلك من النعيم أيضا أن يأتيه ريح طيب من نسيم الجنة . لما يُفتح له في قبره باب إلى الجنة ، كذلك يُملأ قبره خضرة . أي يوضع في قبره من نبات الجنة الأخضر ، وهذا النعيم كله حقيقي ليس وهماً ، لكن الله يحجب ذلك عن أبصار الناس أي أكثرهم ، أما أهل الخصوصية من عباد الله الكاملين فيشاهدون . والحكمة في إخفاء الله حقائق أمور القبر وأمور الآخرة ، ليكون إيمان العباد إيماناً بالغيب ، فيعظم ثوابهم ، وقد ورد في الحديث أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ( ما رأيت منظراً إلا والقبر أفظع منه ) رواه الترمذي والحاكم.
وقد روي أن سفيان الثوري رحمه الله قال : ( من أكثر ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة ، ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النار ) وكان الربيع بن خيثم رحمه الله قد حفر قبراً في داره ، فكان إذا وجد في قلبه قسوة دخل فيه ، فاضطجع فيه ومكث ساعة ثم قال : ( ربّ ارجعونِ لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ) ثم يقول : ( يا ربيع قد أرجعت فاعمل الآن قبل أن لا ترجع ) فرحم الله أولئك الرجال . كم كانوا عظماء . وكم كانوا خائفين من الله . وكم كانوا عاملين للآخرة . زاهدين في الدنيا . راجين رحمة ربّهم . خائفين عذابه .... رزقنا الله الاقتداء بهم ءامين .
عود الروح إلى الجسد في القبر
اعلمي أختي الكريمه : أنه ثبت في الأخبار الصحيحة عود الروح إلى الجسد في القبر ، كحديث البراء بن عازب رضي الله عنه الذي رواه الحاكم وأبو عوانه وصححه غير واحد وفيه ويعاد الروح إلى جسده . وأما حديث ابن عباس مرفوعاً : ( ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا . فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام ) رواه ابن عبد البر وعبد الحق الإشبيلي وصححه . ونحن نؤمن بما ورد في هذا الحديث ولو لم نكن نسمع ردّ السلام من الميت . لأن الله حجب عنا ذلك . ويتأكد عود الحياة في القبر إلى الجسد مزيد التأكد في حق الأنبياء ، فإنه ورد من حديث أنس عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون ) رواه البيهقي .
إثبات عود العقل إلى الميت في القبر
فعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلي الله عليه وسلم : ذكر فتَّاني القبر فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( أترد علينا عقولنا يا رسول الله ) قال : ( نعم كهيئتكم اليوم ) قال : فبفيه الحجر ، ومعنى الفتَّان الممتحن ، منكر ونكير . سُمّيا بذلك لأنهما يمتحنان الناس ، ولأنهما مخوفان ، فقد ورد في الحديث الذي رواه ابن حبان أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه قال : ( إذا قُبر الميت أو الإنسان أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما منكر وللآخر نكير فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم محمد .......) الي آخر الحديث .
وقوله رضي الله عنه : ( أترد علينا عقولنا ) يعني السؤال . فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم : ( نعم كهيئتكم اليوم ) أي يكون الجواب من الجسم مع الروح ، فقال عمر : فبفيه الحجر ، أي ذاك الخبر الذي لم أكن أعرفه . وسكت وانقطع عن الكلام معناه ليس له حُجّة على ما كان يظن ، هو كان يظن أنه لا ترد عليهم عقولهم ، فلما قال له الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( بأنه تُرد عليهم عقولهم ) عرف خطأ ظنّه . واعلمي يا أمة الله . ويا عبد الله ، أنه بعد دفن الإنسان يأتيه ملكان أسودان أزرقان . أي لونهما ليس من السواد الخالص ، بل من الأسود الممزوج بالزرقة وهذا أخوف ما يكون من الألوان ، حتى يفزع الكافر منهما ، أما المؤمن التقي النقي لا يخاف منهما ، الله تعالى يثبته ويلهمه الثبات ، وهما لا ينظران إليه نظرة غضب .
أما الكافر يرتاع منهما ، وقد سميا منكراً ونكيراً . لأن الذي يراهما يفزع منهما ، وهما اثنان ، أو يكون هناك جماعة كل واحد منهما يسمى منكراً . وجماعة كل واحد منهما يسمى نكيراً ، فيأتي إلى كل ميت اثنان منهم ، واحد من هذا الفريق ، وواحد من الفريق الآخر . وليعلم أن من أنكِر سؤال الملكين منكر ونكير فقد كفر والعياذ بالله . [/size]
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــاللهم ثبتنا عند سؤال الملكين ، بجاه سيد الكونين ، سيدنا محمد . وبجاه المرسلين ، والملائكة المقربين ، والأولياء والصالحين . وأجعل اللهم قبورنا رضوة من رياض الجنه ، ولا تجعلها حفرة من حفر النار ، ولقتنا حجتنا ، وأحسن خاتمتنا في الأمور كلها ما نعلمها وما أنت أعلم بها منا ، ومد لنا في قبورنا مد البصر ، ونورها بالقرآن ، وشفاعة حبيب الرحمن ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عاصم أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها ميعادنا ، وأجعل الحياة زيادة لنا في كل خير ، وأجعل الموت راحة لنا من كل شر ، وبلغنا بما يرضيك آمآلنا ، اللهم أحشرنا ركعا سجدا ، وأجعل طريقنا الي جنتك سهلا ممهدا ، واسقنا من حوض حبيبك محمدا ، ماءا طهورا سلسبيلا طيبا ، وأجعلنا ممن تقول لهم الملائكة أدخلوها بسلام آمنين ، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا . أنك ياربنا ولي ذلك والقادر عليه . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . اللهم صلي علي سيدنا محمد .
أرجو اله جل وعلا أن يكون موضوعي هذا قد نال رضاكم وقبولكم
مع خالص شكري وتقديري وأحترامي لحضراتكن جميعا
أختكم في الله ورسوله والاسلام
[size=21]أم أحمـــــــــــــــــد [/size]
ولا تنسوني بدعواتكم أن شاء الله