بسم الله الرحمن الرحيم
*******
الأحبة في الله ورسوله والاسلام
سلام الله عليكم ورحمته تعالي وبركاته
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن من أعظم الجهاد ، جهاد النفس ( أن النفس لأمارة بالسوء ) الا من رحم ربي
وفي زمن نري فيه الكثير ممن نسوا الله فأنساهم أنفسهم وسلط عليهم أنفسهم وشهواتهم ليكونوا من الخاسرين
وزينت لهم أنفسهم وشهواتهم وشيطانهم سوء أعمالهم فضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا . ولا حول ولا قوة الا بالله
ونظرا لأهمية مجاهدة النفس لكونها سبيل سعادة الدنيا والآخره
كتبت لحضراتكن هذا الموضوع الذي بين أيديكن لنتعلم منه كيف نردع أنفسنا عن غيها ونعود بها الي بر الأمان
أرجـــــوا أن ينــال موضوعي هذا رضا وقبــول حضـــــراتكن
فالــــــــــــــــي الموضـــــــــــــوع
@@@@@@@
مجــــاهدة النفــس ... ســبيل الســعاده
الإنسان في هذه الحياة الدنيا يعيش حالة من الصراع مع أعداء ظاهرين ، وآخرين لا يراهم ، وربما كانوا أشد فتكًا به من أعدائه المشاهدين ، ولذا فإنه لا بد أن يكون دائمًا مستيقظًا حذرًا .
وإن أعدى أعداء المرء نفسه التي بين جنبيه فإنها تحثه على نيل كل مطلوب ، والفوز بكل لذة ، حتى وإن خالفت أمر الله وأمر رسوله ، والعبد إذا أطاع نفسه وانقاد لها هلك ، أما إن جاهدها وزمها بزمام الإيمان ، وألجمها بلجام التقوى ، فإنه يحرز بذلك نصرًا في ميدان من أعظم ميادين الجهاد . قال رسول الله ( ألا أخبركم بالمؤمن ؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب ) . فجهاد النفس من أفضل أنواع الجهاد ، قال ابن بطال : (جهاد المرء نفسه هو الجهاد الأكمل ، قال تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ) . ويكون بمنع النفس عن المعاصي ، وبمنعها من الشبهات ، وبمنعها من الإكثار من الشهوات المباحة لتتوفر لها في الآخرة ) .
مراتب مجاهدة النفس :قال بعض الأئمة : وجهاد النفس أربع مراتب : حملها على تعلم أمور الدين ، ثم حملها على العمل بذلك ، ثم حملها على تعليم من لا يعلم ، ثم الدعاء إلى توحيد الله ، وقتال من خالف دينه وجحد نعمه .
عدة المجاهدة :
والمسلم وهو يجاهد نفسه لابد له من عُدَّة ، يتسلح بها ، وأقوى الأسلحة التي يستخدمها المسلم في مجاهدة نفسه ، سلاح الصبر ، فمن صبر على جهاد نفسه وهواه وشيطانه ، غلبهم وجعل له النصر والغلبة ، وملك نفسه فصار ملكًا عزيزاً ، ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك غُلب وقُهر وأُسر، وصار عبدًا ذليلاً أسيرًا في يد شيطانه وهواه كما قيل :إذا المرء لم يَغْلِبْ هواه أقامهُ ... بمنزلةٍ فيها العزيز ذليلُكان زياد بن أبي زياد ــ مولى ابن عياش ــ يخاصم نفسه في المسجد يقول : أين تريدين ؟ أين تذهبين ؟ أتخرجين إلى أحسن من هذا المسجد ؟ انظري إلى ما فيه ، أتريدين أن تبصري دار فلان ودار فلان ؟
وكان يقول لنفسه : ما لك من الطعام غير هذا الخبز والزيت ، وما لك من الثياب غير هذين الثوبين ، وما لكِ من النساء غير هذه العجوز، أفتحبين أن تموتي ؟ قال : فقالت : أنا أصبر على هذا العيش .وانظر إلى مالك بن دينار رحمه الله ، وهو يطوف في السوق ، فإذا رأى الشيء يشتهيه قال لنفسه : اصبري ، فوالله ما أمنعك إلا من كرامتك عليَّ .
فهذه أمثلة من مجاهدة الصالحين لأنفسهم ، يظهر فيها جليًّا استعانتهم بالصبر في هذا الميدان .سوء الظن بالنفسومما يعين على تهذيب النفس ومجاهدتها سوء الظن بها ، فإن الإنسان إذا عرف نفسه حقيقة لم يركن إليها ، ولم ينقد لها ، بل أساء بها الظن ، وكيف يحسن الإنسان الظن بعدوٍ لدود يتربص به لينقض عليه : ( إِنَّ النَّفْسَ لأمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي ).
وقد كان من وصايا الصديق رَضي الله عنه للفاروق حين استخلفه : إن أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك .ومن أعظم أسباب الإعانة على مجاهدة النفس :الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى ، والاستعانة بالصلاة .
عن ربيعة الأسلمي رضَي الله عنه قال : ( كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ لِي : سَلْ . فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ . قَالَ : ( أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ : ( فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ).إن مجاهدة النفس باب عظيم من أبواب الخير، فإن وفق العبد فيه ، فاز وربح ربحًا لا خسارة بعده أبدًا ، وإن عجز وغُلب خسر خسرانًا عظيمًا .
قال الرسول صَلى الله عليه وسلم : ( إنّ الشّيْطَانَ قَعَدَ لابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الإسْلاَمِ فَقَالَ : تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ ثُمّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ : تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ وَإنّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِر كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطّوَلِ ( الحبل ) ؟ فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ ، ثُمّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ فَقَالَ : تُجَاهِدُ ؟ فَهُوَ جَهْدُ النّفْسِ وَالْمَالِ فَتُقْتَلُ ، فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقْسَمُ الْمَالُ ؟ فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ ) . قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : ( فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقّا عَلَى اللّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنّةَ ، وَإنْ غَرِقَ كَانَ حَقّا عَلَى اللّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنّةَ ، أَوْ وَقَصَتْهُ دَابّتُهُ كَانَ حَقّا عَلَى اللّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنّةَ ).
فهيا أيها الأحبة نجاهد أنفسنا على تعلُّم دين الله والعمل به والدعوة إليه ، والجهاد في سبيله ، لعلنا نكون من الفائزين بخير الدنيا ونعيم الآخره .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وفقني الله وأياكم الي مجاهدة أنفسنا الفوز عليها وتطويعا علي أتباع أوامر الله ، وسنة رسوله الكريم
أخــتكم في الله ورســوله والاســلام
المهاجره الي ربها / أم أحمـــــــــد